المنايا تغدوا وتروح ولعلي لا أفارق المدينة حتى أموت فإذا أنا مت فمري بي أن أدرج في كفني وأدفن في حر هذه يعني الجارية التي أعجبته فضحكت سكينة وأمرت له بالجارية فخرج بها آخذا بريطتها وأمرت الجواري فدفعن في أقفيتهما ونادته يا فرزدق احتفظ بها وأحسن صحبتها فإني آثرتك بها على نفسي .
قال المدائني في خبره هذا وحدثني أبو عمران بن عبدالملك بن عمير عن أبيه وحدثنيه عوانة أيضا قالا .
صنع عبدالملك بن مروان طعاما فأكثر وأطاب ودعا إليه الناس فأكلوا فقال بعضهم ما أطيب هذا الطعام ما نرى أن أحدا رأى أكثر منه ولا أكل أطيب منه فقال أعرابي من ناحية القوم أما أكثر فلا وأما أطيب فقد والله أكلت أطيب منه فطفقوا يضحكون من قوله فأشار إليه عبدالملك فأدني منه فقال ما أنت بمحق فيما تقول إلا أن تخبرني بما يبين به صدقك فقال نعم يا أمير المؤمنين بينا أنا بهجر في برث أحمر في أقصى حجر إذ توفي أبي وترك كلا وعيالا وكان له نخل فكانت فيه نخلة لم ينظر الناظرون إلى مثلها كأن تمرها أخفاف الرباع لم ير تمر قط أغلظ ولا أصلب ولا أصغر نوى ولا أحلى حلاوة منه وكانت تطرقها أتان وحشية قد ألفتها تأوي الليل تحتها