فلما سمعها أبو بجير دعا صاحب عسسه فشتمه وقال جنيت علي ما لا يد لي به اذهب صاغرا إلى الحبس وقل أيكم أبو هاشم فإذا أجابك فأخرجه واحمله على دابتك وامش معه صاغرا حتى تأتيني به ففعل فأبى السيد ولم يجبه إلى الخروج إلا بعد أن يطلق له كل من أخذ معه فرجع إلى أبي بجير فأخبره فقال الحمد لله الذي لم يقل أخرجهم وأعط كل واحد منهم مالا فما كنا نقدر على خلافه افعل ما أحب برغم أنفك الآن .
فمضى فخلى سبيله وسبيل كل من كان معه ممن أخذ في تلك الليلة وأُتي به إلى أبي بجير فتناوله بلسانه وقال قدمت علينا فلم تأتنا وأتيت بعض أصحابك الفساق وشربت ما حرم عليك حتى جرى ما جرى فاعتذر من ذلك إليه فأمر له أبو بجير بجائزة سنية وحمله وأقام عنده مدة .
قال النوفلي وحدثني أبي أن جماعة من أهل الثغور قدموا على أبي بجير بتسبيب بهم فأطلقهم ثم جاؤوه فعاتبوه على التشيع وسألوه الرجوع فغضب من ذلك ودعا بمولاه يزيد بن مذعور فقال أنشدني ويلك لأبي هاشم فأنشده قوله .
( يا صاحبيّ لدِمْنَتَيْن عفاهما ... مَرُّ الرّياح عليهما فمحاهما ) حتى فرغ ثم قال هات النونية فأنشده .
( يا صاحبيّ تَروَّحَا وذَراني ... ليس الخليُّ كمُسْعَر الأحزانِ ) فلما فرغ قال أنشدني الدماغة الرائية فأنشده إياها فلما فرغ أقبل عليه الثغريون فقالوا له ما أعتبتنا فيما عاتبناك عليه فقال يا حمير هل في الجواب أكثر مما سمعتم والله لولا أني لا أعلم كيف يقع فعلي من أمير المؤمنين لضربت أعناقكم قوموا إلى غير حفظ الله فقاموا وبلغ السيد الخبر فقال .
( إذا قال الأمير أبو بجيرٍ ... أخو أسدٍ لمنشده يَزيدَا )