فيما شئت ممّا ترى بين يديك وصفه فالتفت فإذا ببساط زهره قد تفتحت أنواره وأشرق في نور الصبح فأُرتج علي ساعة حتى خجلت وضقت ذرعا فقال لي الواثق مالك ويحك ألست ترى نور صباح ونور أقاح فانفتح القول فقلت .
( ألستَ ترى الصبحَ قد أَسْفرا ... ومُبْتكِرَ الغيث قد أَمْطرا ) .
( وأسفرتِ الأرضُ عن حُلّة ... تُضاحِك بالأحمر الأصفرا ) .
( ووافاك نَيْسانُ في ورده ... وحَثَّك في الشُّرْب كي تَسْكَرا ) .
( وتُعْمِل كأسين في فِتْيةٍ ... تُطارِد بالأصغر الأكبرا ) .
( يَحُثّ كؤوسَهُمُ مُخْطَفٌ ... تُجاذِبُ أردافُه المِئْزَرا ) .
( ترجَّل بالبانِ حتى إذا ... أدار غدائرَه وفَّرا ) .
( وفضَّضَ في الجُلّنارِ البَهَارَ ... والآبِنُوسَةَ والعَبْهرا ) .
( فلمّا تمازَج ما شَذَّرتْ ... مَقَارِيضُ أطرافِه شذَّرا ) .
( فكلٌّ يُنافِس في بِرِّه ... ليفعل في ذاتِه المُنْكَرا ) .
قال فضحك الواثق وقال سنستعمل كل ما قلت يا حسين إلا الفسق الذي ذكرته فلا ولا كرامة ثم أمر بإحضار الطعام فأكل وأكلوا معه ثم قال قوموا بنا إلى حانة الشط فقاموا اليها فشرب وطرب وما ترك يومئذ أحدا من الجلساء والمغنين والحشم إلا أمر له بصلة وكانت من الأيام التي سارت أخبارها وذكرت في الآفاق قال حسين فلما كان من الغد غدوت إليه فقال أنشدني يا حسين شيئا إن كنت قلته في يومنا الماضي فقد كان حسنا فأنشدته