أيهما أشعر فاتفقا على اختيار شعر من شعريهما يتخايران فيه فاختار الحسين بن الضحاك شيئا من شعر أبي نواس جيدا قويا لمعرفته بذلك واختار مخارق شيئا من شعر أبي العتاهية ضعيفا سخيفا غزلا كان يغني فيه لا لشيء عرفه منه إلا لأنه استملحه وغنى فيه فخاير به لقلة علمه ولما كان بينه وبين أبي العتاهية من المودة وتخاطرا على مال وتحاكما إلى من يرتضيه الواثق بالله ويختاره لهما فاختار الواثق لذلك أبا محلم وبعث فأحضره وتحاكما إليه بالشعرين فحكم لحسين بن الضحاك فتلكأ مخارق وقال لم أُحسن الاختيار للشعر ولحسين أعلم مني بذلك ولأبي العتاهية خير مما اخترت وقد اختار حسين أجود ما قدر عليه لأبي نواس لأنه أعلم مني بالشعر ولكنا نتخاير بالشاعرين ففيهما وقع الجدال فتحاكما فحكم لأبي نواس وقال هو أشعر وأذهب في فنون الشعر وأكثر إحسانا في جميع تصرفه فأمر الواثق بدفع الخطر إلى حسين وانكسر مخارق فما انتفع به بقية يومه .
مدح الحسن بن سهل .
أخبرني ابن أبي طلحة قال حدثني سوادة بن الفيض قال حدثني أبي قال لما اطرح المأمون حسين بن الضحاك لهواه كان في أخيه محمد وجفاه لاذ الحسين بن الضحاك بالحسن بن سهل وطمع أن يصلحه له فقال يمدحه .
( أرى الآمالَ غيرَ مُعرِّجاتٍ ... على أحدٍ سوى الحسن بن سَهْلِ ) .
( يُبارِي يومَه غدُه سَمَاحاً ... كِلاَ اليومين بان بكلّ فضلِ ) .
( أرى حَسَناً تقدّم مستبِدًّا ... ببَعْدٍ من رياسته وقَبْلِ )