حضرت أبا إسحاق إبراهيم بن المهدي وعنده إسحاق الموصلي فقال إسحاق غنى ابن سريج ثمانية وستين صوتا فقال له أبو إسحاق ما تجاوز قط ثلاثة وستين صوتا فقال بلى ثم جعلا ينشدان أشعار الصحيح منها حتى بلغا ثلاثة وستين صوتا وهما يتفقان على ذلك ثم أنشد إسحاق بعد ذلك أشعار خمسة أصوات أيضا فقال أبو إسحاق صدقت هذا من غنائه ولكن لحن هذا الصوت نقله من لحنيه في الشعر الفلاني ولحن الثاني من لحنه الفلاني حتى عد له الخمسة الأصوات فقال له إسحاق صدقت ثم قال له إبراهيم إن ابن سريج كان رجلا عاقلا أديبا وكان يغني الناس بما يشتهون فلا يغنيهم صوتا مدح به أعداؤهم ولا صوتا عليهم فيه عار أو غضاضة ولكنه يعدل بتلك الألحان إلى أشعار في أوزانها فالصوتان واحد لا ينبغي أن نعدهما اثنين عند التحصيل منا لغنائه فصدقه إسحاق فقال له إبراهيم فأيها أولى عندك بالتقدمة فقال .
( وإذا ما عَثَرتْ في مِرْطها ... نَهَضَتْ باسمِي وقالتْ يا عُمَرْ ) .
فقال له إبراهيم أحسبك يا أبا محمد متعت بك ما أردت إلا مساعدتي فقال لا والله ما إلى هذا قصدت وإن كنت أهوى كل ما قربني من محبتك فقال له هذا أحب أغانيه إلي وما أحسبه في مكان أحسن منه عندي ولا كان ابن سريج يتغناه أحسن مما يتغناه جواري ولئن كان كذلك فما هو عندي في حسن التجزئة والقسمة وصحتهما مثل لحنه في .
صوت من المائة المختارة من رواية جحظة .
( حَيِّيَا أُمَّ يَعْمَرا ... قبلَ شَحْطٍ من النَّوَى )