الغناء لزرزر غلام المارقي خفيف ثقيل وهو أجود صوت صنعه قال ومع عمر جماعة من حشمه وغلمانه ومواليه وعليه حلة موشية يمانية وعلى ابن سريج ثوبان هرويان مرتفعان فلم يمرّوا بأحد إلا عجب من حسن هيئتهم وكان عمر من أعطر الناس وأحسنهم هيئة فخرجوا من مكة يوم التروية بعد العصر يريدون منى فمروا بمنزل رجل من بني عبد مناف بمنى قد ضربت عليه فساطيطه وخيمه ووافى الموضع عمر فأبصر بنتا للرجل قد خرجت من قبتها وستر جواريها دون القبة لئلا يراها من مر فأشرف عمر على النجيب فنظر إليها وكانت من أحسن النساء وأجملهن فقال لها جواريها هذا عمر بن أبي ربيعة فرفعت رأسها فنظرت إليه ثم سترتها الجواري وولائدها عنه وبطن دونها بسجف القبة حتى دخلت ومضى عمر إلى منزله وفساطيطه بمنى وقد نظر من الجارية إلى ما تيمه ومن جمالها إلى ما حيره فقال فيها .
( نظَرتُ إليها بالمُحَصَّبِ من مِنى ... ولي نَظَرٌ لولا التَّحَرُّج عَارِمُ ) .
( فقلتُ أشمسٌ أم مصَابِيحُ بِيعَةٍ ... بدتْ لك خَلْفَ السَّجْفِ أم أنت حالمُ ) .
( بعيدةُ مهْوى القُرْطِ إمّا لَنَوْفَلٌ ... أبوها وإما عبدُ شمسٍ وهاشمُ ) .
( ومَدّ عليها السّجْفَ يومَ لَقِيتُها ... على عَجَلٍ تُبَّاعُها والخَوَادِمُ ) .
( فلم استطِعْها غير أن قد بدا لنا ... على الرّغْم منها كَفُّها والمَعَاصِمُ ) .
( معاصِمُ لم تَضْرِبْ على البَهْم بالضُّحَى ... عَصَاها ووجهٌ لم تَلحْه السَّمَائِمُ ) .
( نَضِيرٌ تَرَى فيه أسَارِيعَ مائه ... صَبيحٌ تُغَادِيه الأكُفُّ النَّواعِمُ )