دخلت على هشام بن عبد الملك وعنده الزُّهري وهما يعيبان الوليد فأعرضت ولم أدخل في شيء من ذكره فلم ألبث أن استُؤذن للوليد فأُذن له فدخل وهو مُغضب فجلس قليلاً ثم نهض .
فلما مات هشام وولي الوليد كتب إلى المدينة فحملت فدخلت عليه فقال أتذكر قول الأحول والزهري قلت نعم وما عرضت في شيء من أمرك قال صدقت أتدري من أبلغني ذلك قلت لا قال الخادم الواقف على رأسه وايم الله لو بقي الفاسق الزهري لقتله ثم قال ذهب هشام بعمري فقلت بل يبقيك الله يا أمير المؤمنين وقام وصلّى العصر ثم جلس يتحدث إلى المغرب ثم صلّى المغرب ودعا بالعشاء فتعشيّت معه ثم جلس يتحدث حتى صلى العتمة ثم تحدثنا قليل ثم قال اسقينني فأتينه بإناء مغطّى وجاء جوار فقمن بيني وبينه فشرب وانصرفن ومكث قليلا ثم قال اسقينني ففعلن مثل ذلك وما زال والله ذلك دأبه حتى طلع الفجر فأحصيت له سبعين قدحا .
وأخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني عمي مصعب عن أبي الزناد قال أجمع الزهري على أن يدخل إلى بلاد الروم إن ولي الوليد بن يزيد فمات الزهري قبل ذلك .
قال المدائني وبلغ الوليد أن العباس بن الوليد وغيره من بني مروان يعيبونه بالشراب فلعنهم وقال إنهم ليعيبون علي ما لو كانت لهم فيه لذة ما تركوه وقال هذا الشعر وأمر عمر الوادي أن يغني فيه وهو من جيد شعره ومختاره وفيه غناء قديم ذكره يونس لعمر الوادي غير مجنّس .
صوت .
( ولقد قضيتُ وإن تَجَلَّل لِمّتي ... شيبٌ على رغم العِدَا لذَّاتي )