أهل العراق أهل غدر وإرجافٍ وقد وجهتنا محاربين والأحداث تحدث ولا آمن أن يرجف أهل العراق ويقولوا مات أمير المؤمنين ولم يعهد فيفت ذلك في أعضاد أهل الشام فلو عهدت عهدا لعبد العزيز بن الوليد قال غداً .
وبلغ ذلك مسلمة بن عبد الملك فأتى يزيد فقال يا أمير المؤمنين أيما أحب إليك ولد عبد الملك أو ولد الوليد فقال بل ولد عبد الملك قال أفأخوك أحقّ بالخلافة أم ابن أخيك قال إذا لم تكن في ولدي فأخي أحق بها من ابن أخي .
قال فابنك لم يبلغ فبايع لهشام ثم لابنك بعد هشام قال والوليد يومئذ ابن إحدى عشرة سنة قال غدا أبايع له .
فلما أصبح فعل ذلك وبايع لهشام وأخذ العهد عليه ألا يخلع الوليد بعده ولا يغير عهده ولا يحتال عليه .
فلما أدرك الوليد ندم أبوه فكان ينظر إليه ويقول الله بيني وبين من جعل هشاما بيني وبينك .
وتوفي يزيد سنة خمس ومائة وابنه الوليد ابن خمس عشرة سنة .
قالوا فلم يزل الوليد مكرما عند هشام رفيع المنزلة مدة ثم طمع في خلعه وعقد العهد بعده لابنه مسلمة بن هشام فجعل يذكر الوليد بن يزيد وتهتّكه وإدمانه على الشراب ويذكر ذلك في مجلسه ويقوم ويقعد به وولاه الحج ليظهر ذلك منه بالحرمين فيسقط فحج وظهر منه فعل كثير مذموم وتشاغل بالمغنين وبالشراب وأمر مولى له فحج بالناس .
فلما حج طالبه هشام بأن يخلع نفسه فأبى ذلك فحرمه العطاء وحرم سائر مواليه وأسبابه وجفاه جفاء شديدا .
فخرج متبديا وخرج معه عبد الصمد بن عبد الأعلى مؤدبه وكان يرمى بالزندقة .
ودعا هشام الناس إلى خلعه والبيعة لمسلمة بن هشام وأمه أم حكيم بنت يحيى بن الحكم بن أبي العاصي .
وكان مسلمة يكنى أبا شاكر كني بذلك لمولى كان لمروان يكنى أبا