حدثني عمي مصعب وأخبرنا محمد بن الحسين بن دريد عن عمه عن العباس بن هشام عن أبيه وذكره أبو عبيدة وأبو عمرو الشيباني أن حرب بن أمية لما انصرف من حرب عكاظ هو وإخوته مر بالقريه وهي إذ ذاك غيضة شجر ملتف لا يرام .
فقال له مرداس بن أبي عامر أما ترى هذا الموضع قال بلى قال نعم المزدرع هو فهل لك أن نكون شريكين فيه ونحرق هذه الغيضة ثم نزدرعه بعد ذلك قال نعم فأضرما النار في الغيضة .
فلما استطارت وعلا لهبها سمع من الغيضة أنين وضجيج كثير ثم ظهرت منها حيات بيض تطير حتى قطعتها وخرجت منها .
وقال مرداس بن أبي عامر في ذلك .
( إني انتخبتُ لها حرباً وإخوتَه ... إنّي بحَبْلٍ وثيقٍ العَقْد دسّاسُ ) .
( إني أُقَوِّمُ قبل الأمر حُجَّتَه ... كيما يقالَ وليُّ الأمر مِرداسُ ) .
قال فسمعوا هاتفا يقول لما احترقت الغيضة .
( ويلٌ لحربٍ فارساَ ... مُطاعِناً مُخَالِسَا ) .
( ويل لعمرو فارسا ... إذ لبسوا القَوَانِسا ) .
( لَنَقْتُلَن بقتله ... جَحاجحاً عنابِسا ) .
ولم يلبث حرب بن أمية ومرداس بن أبي عامر أن ماتا فأما مرداس فدفن بالقربة .
ثم ادعاها بعد ذلك كليب بن أبي عهمة السلمي ثم الظفري فقال في ذلك عباس بن مرداس .
( أكليبُ مالكَ كلَّ يوم ظالماً ... والظلمُ أنكدُ وجهُه ملعونٌ ... قد كان قومُك يحسبونك سيِّداً ... وإخال أنك سيّدٌ معيون ) .
المعيون الذي أصابته العين وقيل المعيون الحسن المنظر فيما تراه العين ولا عقل له