به فوجئت عنقه ونفاه فاندفع يغني وقد توجهوا به .
( عُوجِي عليَّ فَسَلِّمي جَبْرُ ... فيم الوقوفُ وأنتُم سَفْرٌ ) .
( ما نَلْتقي إلا ثلاثَ منىً ... حتى يفرِّق بيننا النَّفْر ) .
فلما سمع الموكلون به حسن ترنمه خلوه وقالوا له اذهب حيث شئت مصاحبا بعد استماعهم منه طرائف غنائه سائر يومهم وليلتهم .
أخبرني الحسين قال قال حماد قرأت على أبي عن المدائني قال أحج خالد بن عبد الله ابنه محمدا وأصحبه رزاما مولاه وأعطاه مالا وقال إذا دخلت المدينة فاصرفه فيما أحببت .
فلما صرنا بالمدينة سأل محمد عن جارية حاذقة فقيل عند محمد بن عمران التيمي القاضي .
فصلينا الظهر في المسجد ثم ملنا إليه فاستأذنا عليه فأذن لنا وقد انصرف من المسجد وهو قاعد على لبد ونعلاه في آخر اللبد فسلمنا عليه فرد ونسب محمدا فانتسب له فقال خيرا ثم قال هل من حاجة فلجلج فقال كأنك ذكرت فلانة يا جارية اخرجي فخرجت فإذا أحسن الناس ثم تغنت فإذا أحذق الناس فجعل الشيخ يذهب مع حركاتها ويجيء إلى أن غنت قوله .
( عوجِي عليّ فسلِّمي جَبْرُ ... ) .
فلما بلغت .
( حتى يفرِّق بيننا النَّفْر ... ) .
وثب الشيخ إلى نعله فعلقها في أذنه وجثا على ركبتيه وأخذ بطرف أذنه والنعل فيها