هو واقف على باب يحيى بن خالد يلتمس الإذن عليه فوقف على ما كان يقف الناس عليه في القديم حتى يأذن لهم أو يصرفهم أقبل أبو يوسف القاضي بأصحابه أهل القلانس فلما هجم على الباب نظر إلى رجل يقف إلى جانبه ويحادثه فوقعت عينه على ابن جامع فرأى سمته وحلاوة هيئته فجاء فوقف إلى جانبه ثم قال له أمتع الله بك توسمت فيك الحجازية والقرشية قال أصبت قال فمن أي قريش أنت قال من بني سهم قال فأي الحرمين منزلك قال مكة قال ومن لقيت من فقهائهم قال سل عمن شئت ففاتحه الفقه والحديث فوجد عنده ما أحب فأعجب به .
ونظر الناس إليهما فقالوا هذا القاضي قد اقبل على المغني وأبو يوسف لا يعلم أنه ابن جامع فقال أصحابه لو أخبرناه عنه ثم قالوا لا لعله لا يعود إلى مواقفته بعد اليوم فلم نغمه .
فلما كان الإذن الثاني ليحيى غدا عليه الناس وغدا عليه أبو يوسف فنظر يطلب ابن جامع فرآه فذهب فوقف إلى جانبه فحادثه طويلا كما فعل في المرة الأولى فلما انصرف قال له بعض أصحابه أيها القاضي أتعرف هذا الذي تواقف وتحادث قال نعم رجل من قريش من أهل مكة من الفقهاء قالوا هذا ابن جامع المغني قال إنا لله .
قالوا إن الناس قد شهروك بمواقفته وأنكروا ذلك من فعلك فلما كان الإذن الثالث جاء أبو يوسف ونظر إليه فتنكبه وعرف ابن جامع أنه قد أنذر به فجاء فوقف فسلم عليه فرد السلام عليه أبو يوسف بغير ذلك الوجه الذي كان يلقاه به ثم أنحرف عنه .
فدنا منه ابن جامع وعرف الناس القصة وكان ابن جامع جهيرا فرفع صوته ثم قال يا أبا يوسف مالك تنحرف عني أي شيء أنكرت قالوا لك إني ابن جامع المغني فكرهت مواقفتي لك أسألك عن مسألة ثم اصنع ما شئت ومال الناس فأقبلوا نحوهما يستمعون فقال يا أبا يوسف لو أن أعرابيا جلفا وقف بين يديك فأنشدك بجفاء وغلظة من لسانه وقال