هذا وقت العتاب مع وشك الرحيل فحادثها إلى وقت طلوع الفجر ثم ودعها وبكيا طويلا وقام فركب فرسه ووقف ينظر إليهم وهم يرحلون ثم أتبعهم بصره حتى غابوا وأنشأ يقول .
( يا صاحبيَّ قِفَا نَسْتَخبِرِ الطَّلَلاَ ... عن حالِ مَنْ حَلَّه بالأمسِ ما فَعَلاَ ) .
( فقال لي الرَّبْعُ لمّا أن وَقَفْتُ به ... إنّ الخَلِيطَ أَجَدَّ البَيْنَ فاحْتَمَلاَ ) .
( وخادَعتْكَ النَّوَى حتى رأيتَهمُ ... في الفَجْرِ يَحْتَثُّ حَادِي عِيسِهم زَجِلا ) .
( لمّا وَقَفْنا نُحَيِّيهم وقد صَرَخَتْ ... هَوَاتِفُ البَيْنِ واستولتْ بهم أصُلاَ ) .
( صَدّتْ بِعَاداً وقالتْ لِلّتي معها ... بالله لُومِيهِ في بعضِ الذي فَعَلاَ ) .
( وحَدِّثِيه بما حُدِّثْتِ واسْتَمِعي ... ماذا يقول ولا تَعْيي به جَدَلاَ ) .
( حتى يَرى أنّ ما قال الوُشَاةُ له ... فينا لَدَيْه إلينا كلُّه نُقَلاَ ) .
( وعَرِّفِيهِ به كالهَزْلِ واحتفظي ... في بعضِ مَعْتَبةٍ أن تُغْضِبي الرجُلاَ ) .
( فإِنَّ عَهْدِي بهِ واللهُ يَحْفَظُه ... وإن أَتَى الذنبَ ممن يَكْرَه العَذَلا ) .
( لو عندنا اغْتِيبَ أو نِيلَتْ نقيصتُه ... ما آبَ مُغتابُه من عندِنا جَذِلاَ ) .
( قلتُ اسمَعِي فلقد أَبْلَغَتِ في لَطَفٍ ... وليس يَخْفَى على ذي اللُّبِّ مَنْ هَزَلاَ ) .
( هذا أرادتْ به بُخْلاَّ لأَعْذِرَها ... وقد أَرَىَ أنها لن تَعْدَمَ العِللاَ )