ودستبي وكان الأعشى شاعر أهل اليمن بالكوفة وفارسهم فلما قدم خالد من مغزاه خرج جواريه يتلقينه وفيهن أم ولد له كانت رفيعة القدر عنده فجعل الناسُ يمرون عليها إلى أن جاز بها الأعشى وهو على فرسه يميل يمينا ويسارا من النعاس فقالت أم خالد بن عتاب لجواريها إن امرأة خالد لتفاخرني بأبيها وعمها وأخيها وهل يزيدون على أن يكونوا مثل هذا الشيخ المرتعش .
وسمعها الأعشى فقال من هذه فقال له بعض الناس هذه جارية خالد فضحك وقال لها إليك عني يا لكعاء ثم أنشأ يقول .
( وما يُدْرِيك ما فرسٌ جَرُورٌ ... وما يدريكَ ما حَمْلُ السّلاحِ ) .
( وما يدريكِ ما شيخ كبيرٌ ... عَدَاه الدهر عن سَنَن المِراح ) .
( فأُقْسِمُ لو ركبتِ الوَرْد يوماً ... وليلتَه إلى وَضَح الصَّباح ) .
( إذاً لنظرتُ منكِ إلى مكان ... كسَحْق البُرْد أو أثَرِ الجِراح ) .
قال فأصبحت الجارية فدخلت إلى خالد فشكت إليه الأعشى فقالت والله ما تكرم ولقد اجترئ عليك فقال لها وما ذاك فأخبرته أنها مرت برجل في وجه الصبح ووصفته له وأنه سبها فقال ذلك أعشى همدان فأي شيء قال لك فأنشدته الأبيات .
فبعث إلى الأعشى فلما دخل عليه قال له ما تقول هذه زعمت أنك هجوتها فقال أساءت سمعا إنما قلت .
( مررتُ بنسوة متعطِّرات ... كضوء الصبح أو بَيض الأداحِي )