أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدثني علي بن محمد النوفلي قال أخبرني محمد بن راشد الخناق قال .
إني لفي منزلي يوما مع الظهر إذ دخل علي إسحاق بن إبراهيم الموصلي فسررت بمكانه فقال قد جاءت بي إليك حاجة قال قلت قل ما شاء الله قال دعني في بيتك ودع غلاميك عندي بديحا وسليمان وكانا خادمين مغنيين ومرهما أن يغنياني وأتني بفلان ليغنيني أيضا بحياتي عليك وانطلق إلى إبراهيم بن المهدي فإنه سيسر بمكانك فاشرب معه أقداحا ثم قل له يا سيدي أسألك عن شيء فإذا قال سل فقل له أخبرني عن قولك .
( ذهبتُ من الدنيا وقد ذهبتْ منّي ... ) .
أي شيء كان معنى صنعتك فيه وأنت تعلم أنه لا يجوز في غنائك الذي صنعته فيه إلا أن تقول ذهبتو بالواو فإن قلت ذهبت ولم تمدها انقطع اللحن والشعر وإن مددتها قبح الكلام وصار على كلام النبط فقلت له يا أبا محمد كيف أخاطب إبراهيم بهذا فقال هو حاجتي إليك وقد كلفتك إياها فإن استحسنت أن تردني فأنت أعلم قال أفعل ذلك لموضعك على ما فيه علي ثم أتيت إبراهيم وجلست عنده مليا وتجارينا الحديث إلى أن خرجنا إلى ذكر الغناء فخاطبته بما قال لي إسحاق فتغير لونه وانكسر ثم قال يا محمد ليس هذا من كلامك هذا من كلام الجرمقاني ابن الزانية قل له عني أنتم تصنعون هذه للصناعة ونحن نصنعه للهو واللعب والعبث قال فخرجت إلى إسحاق فحدثته بذلك فقال الجرمقاني والله منا أشبهنا بالجرامقة لغة وهو الذي يقول ذهبتو وأقام عندي يومه فرحا بما بلغته إبراهيم عنه من توقيفه على خطئه