أخبار إسحاق بن إبراهيم .
قد مضى نسبه مشروحا في نسب أبيه ويكنى أبا محمد وكان الرشيد يولع به فيكنيه أبا صفوان وهذه كنية أوقعها عليه إسحاق بن إبراهيم بن مصعب مزحا .
وموضعه من العلم ومكانه من الأدب ومحله من الرواية وتقدمه في الشعر ومنزلته في سائر المحاسن أشهر من أن يدل عليه فيها بوصف وأما الغناء فكان أصغر علومه وأدنى ما يوسم به وإن كان الغالب عليه وعلى ما كان يحسنه فإنه كان له في سائر أدواته نظراء وأكفاء ولم يكن له في هذا نظير فإنه لحق بمن مضى فيه وسبق من بقي ولحب للناس جميعا طريقه فأوضحها وسهل عليهم سبيله وأنارها فهو إمام أهل صناعته جميعا ورأسهم ومعلمهم يعرف ذلك منه الخاص والعام ويشهد به الموافق والمفارق على أنه كان أكره الناس للغناء وأشدهم بغضا لأن يدعى إليه أو يسمى به .
وكان يقول لوددت أن أضرب كلما أراد مريد مني أن أغني وكلما قال قائل إسحاق الموصلي المغني عشر مقارع لا أطيق أكثر من ذلك وأعفى من الغناء ولا ينسبني من يذكرني إليه .
وكان المأمون يقول لولا ما سبق على ألسنة الناس وشهر به عندهم من الغناء لوليته القضاء بحضرتي فإنه أولى به وأعف وأصدق وأكثر دينا وأمانة من هؤلاء القضاة