محلك من صناعتك قال وهل بلغك خبرنا قال هو أشهر من أن يخفى على مثلي قال ويحك إنه يقصر عن العيان قال أيها الأستاذ سرني بأن أسمعه من فيك حتى أرويه عنك وأسقط بيني ويبنك الأسانيد قال أقم عندي حتى أفعل قال السمع والطاعة فدعا له ابن جامع بالطعام فأكلا ودعا بالشراب ثم ابتدأ حدثه بالخبر حتى انتهى إلى خبر الصوت الأول فقال له الزف وما هو أيها الأستاذ فغناه ابن جامع أياه فجعل محمد يصفق وينعر ويشرب وابن جامع مجتهد في شأنه حتى أخذه عنه .
ثم سأله عن الصوت الثاني فغناه إياه وفعل مثل فعله في الصوت الأول ثم كذلك في الصوت الثالث فلما أخذ الأصوات الثلاثة كلها وأحكمها قال له يا أستاذ قد بلغت ما أحب فتأذن لي في الانصراف قال إذا شئت فانصرف محمد من وجهه إلى إبراهيم فلما طلع من باب داره قال له ما وراءك قال كل ما تحب ادع لي بعود فدعا له به فضرب وغناه الأصوات قال إبراهيم وأبيك هي بصورها وأعيانها رددها علي الآن فلم يزل يرددها حتى صحت لإبراهيم وانصرف الزف إلى منزله وغدا إبراهيم إلى الرشيد فلما دعا بالمغنين دخل فيهم فلما بصر به قال له أو قد حضرت أما كان ينبغي لك أن تجلس في منزلك شهرا بسبب ما لقيت من ابن جامع قال ولم ذلك يا أمير المؤمنين جعلني الله فداءك والله لئن أذنت لي أن أقول لأقولن قال وما عساك أن تقول قل فقال إنه ليس ينبغي لي ولا لغيري أن يراك نشيطا لشيء فيعارضك ولا أن تكون متعصبا لحيز وجنبة فيغالبك وإلا فما في الأرض صوت لا أعرفه قال دع ذا عنك قد أقررت أمس بالجهالة بما سمعت من صاحبنا فإن كنت أمسكت عنه بالأمس على معرفة كما تقول فهاته اليوم فليس ها هنا عصبية ولا تمييز فاندفع فأمر الأصوات كلها وابن جامع مصغ