حدثني محمد بن عبد الله بن مالك عن إسحاق قال .
لما صنع أبي لحنه في .
( ليتَ هنداً أنجزتنا ما تَعِدْ ... وشَفَتْ أنفُسَنا مما تَجِدْ ) .
خاصمته وعبته في صنعته وقلت له أما بإزائك من ينتقد أنفاسك ويعيب محاسنك وأنت لا تفكر تجيء إلى صوت قد عمل فيه ابن سريج لحنا فتعارضه بلحن لا يقاربه والشعر أوسع من ذلك فدع ما قد اعتورته صناعة القدماء وخذ في غيره فغضب وكنت لا أزال أفاخره بصنعتي وأعيب ما يعاب من صنعته فإن قبل مني فذلك وإن غضب درايته وترضيته فقال لي ما يعلم الله أني أدعك أو تفاخرني بخير صوت صنعته في الثقيل الثاني في طريقة هذا الصوت فلما رأيت الجد منه اخترت صنعتي في هذا اللحن .
( قل لمَنْ صَدّ عاتبَا ... ونأى عنك جانِبَا ) .
( قد بلغتَ الذي أردْتَ ... وإن كنتَ لاعبا ) .
وكان ما تجاريناه ونحن نتساير خارجين إلى الصحراء نقطع فضلة خمار بنا فقال من تحب أن يحكم بيني وبينك فقلت من ترى أن يحكم هاهنا قال أول من يطلع علينا أغنيه لحني وتغنيه لحنك فطمعت فيه وقلت نعم فأقبل شيخ نبطي يحمل شوكا على حمار له فأقبل عليه أبي فقال إني وصاحبي هذا قد تراضينا بك في شيء قال وأي شيء هو فقلنا زعم كل واحد منا أنه أحسن غناء من صاحبه فتسمع مني ومنه وتحكم فقال على اسم الله فبدأ أبي فغنى لحنه وتبعته فغنيت لحني فلما فرغت أقبل علي فقال لي قد حكمت عليك عافاك الله ومضى فلطمني أبي لطمة ما مر بي مثلها منه قط وسكت فما أعدت عليه