قال هارون وحدثني علي بن محمد النوفلي قال حدثني أبي قال .
كان الهذلي النقاش يغدو إليه فتيان قريش وقد عمل عمله بالليل ومعهم الطعام والشراب والدراهم فيقولون له غننا فيقول لهم الوظيفة فيقولون قد جئنا بها فيقول الوظيفة الأخرى أنزلوا أحجاري فيلقون ثيابهم ويأتزرون بأزرهم وينقلون الحجارة وينزلونها ثم يجلس على شنخوب من شناخيب الجبل فيجلسون تحته في السهل فيشربون وهو يغنيهم حتى المساء وكانوا كذلك مدة فقال له يوما ثلاثة فتية من قريش قد جاءك كل واحد منا بمثل وظيفتك على الجماعة من غير أن تنقص وظيفتك عليهم وقد اختار كل واحد منا صوتا من غنائك ليجعله حظه اليوم فإن وافقت الجماعة هوانا كان ذلك مشتركا بيننا وإن أبوا غنيت لهم ما أرادوا وجعلت هذه الثلاثة الأصوات لنا بقية يومنا قال هاتوا فاختار أحدهم .
( عَفَتْ عَرَفَاتٌ فالمصايفُ من هندِ ... ) .
واختار الآخر .
( ألمَّ بنا طيفُ الخيال المهجِّدُ ... ) .
واختار الآخر .
( هجَرْتُ سُعدَى فزادني كَلَفَا ... ) .
فغناهم إياها فما سمع السامعون شيئا كان أحسن من ذلك فلما أرادوا الانصراف قال لهم إني قد صنعت صوتا البارحة ما سمعه أحد فهل لكم فيه قالوا هاته منعما بذلك فاندفع فغناهم