شرابه النبيذ فلا ينكره وكثر ذلك حتى سكر وطرب وقال اسقوني من شرابكم فسقوه حتى ثمل وغناهم في شعر الأحوص .
( طاف الخيالُ وطاف الهَمُّ فاعتَكَرَا ... عند الفِرَاشِ فبات الهَمُّ مُحْتَضِراَ ) .
( أُرَاقِبُ النَّجْمَ كالحَيْرَانِ مُرْتَقِباً ... وقَلَّصَ النومُ عن عينيّ فانْشَمَرَا ) .
( من لوعةٍ أورثتْ قَرْحاً على كَبِدي ... يوماً فأصبحَ منها القلبُ مُنْفطِرا ) .
( ومَنْ يَبِتْ مُضْمِراً هَمَّا كما ضَمِنَتْ ... منِّي الضُّلُوعُ يَبِتْ مُسْتَبْطِنَاً غِيَرا ) .
فاسحتسنه القوم وطربوا وشربوا .
ثم غناهم .
( طَرِبْتَ وهاجَكَ مَنْ تَدَّكِرْ ... ومَنْ لستَ من حُبِّه تَعْتَذِرْ ) .
( فإنْ نِلتُ منها الذي أَرتجي ... فذاك لَعَمْرِي الذي أَنْتَظِرْ ) .
( وإلاّ صبرتُ فلا مُفْحِشاً ... عليها بِسُوءٍ ولا مُبْتَهِرْ ) .
لحن الدلال في هذا الشعر خفيف ثقيل أول بالبنصر عن حبش .
قال وذكر قوم أنه للغريض .
قال وسكر حتى خلع ثيابه ونام عريانا فغطاه القوم بثيابهم وحملوه إلى منزله ليلا فنوموه وانصرفوا عنه .
فأصبح وقد تقيأ ولوث ثيابه بقيئه فأنكر نفسه .
وحلف ألا يغني أبدا ولا يعاشر من يشرب النبيذ فوفى بذلك إلى أن مات .
وكان يجالس المشيخة والأشراف فيفيض معهم في أخبار الناس وأيامهم حتى قضى نحبه .
انقضت أخبار الدلال