قال لي الحرمازي شهدت أبا العتاهية وأبا نواس في مجلس وكان أبو العتاهية أسرع الرجلين جوابا عند البديهة وكان أبو نواس أسرعهما في قول الشعر فإذا تعاطيا جميعا السرعة فضله أبو العتاهية وإذا توقفا وتمهلا فضله أبو نواس .
أخبرني أحمد بن العباس عن ابن عليل العنزي قال حدثنا أبو أنس كثير بن محمد الحزامي قال حدثني الزبير بن بكار عن معروف العاملي قال .
قال أبو العتاهية كنت منقطعا إلى صالح المسكين وهو ابن أبي جعفر المنصور فأصبت في ناحيته مائة ألف درهم وكان لي ودودا وصديقا فجئته يوما وكان لي في مجلسه مرتبة لا يجلس فيها غيري فنظرت إليه قد قصر بي عنها وعاودته ثانية فكانت حاله تلك ورأيت نظره إلي ثقيلا فنهضت وقلت .
( أراني صالحٌ بُغْضا ... فأظهرتُ له بُغضَا ) .
( ولا واللهِ لا ينقُض ... إلا زدتُه نَقْضا ) .
( وإلاّ زِدتُه مقتا ... وإلا زدته رفْضَا ) .
( أَلاَ يا مُفْسِد الودّ ... وقد كان له محضا ) .
( تغضبت مِنَ الريح ... فما أَطلُب أن تَرْضَى ) .
( لئن كان لك المالُ ... المُصفى إنّ لي عِرْضَا ) .
قال أبو العتاهية فنمي الكلام إلى صالح فنادى بالعداوة فقلت فيه .
( مَدَدْتُ لمُعْرِضٍ حَبْلاً طويلاً ... كأطول ما يكون من الحِبَالِ ) .
( حبالٍ بالصَّريمة ليس تَفْنى ... مُوصَّلةٍ على عَدد الرمال ) .
( فلا تنظُرْ إليّ ولا تُرِدْني ... ولا تُقْرِبْ حبالَك من حبالي ) .
( فليت الرَّدْمَ من يأجوجَ بيني ... وبينَك مثبتاً أُخرَى الليالي )