نفسك فقال له الفتى أو ما تعرف من أنا فقال له بلى والله أعرفك معرفة جيدة أولك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وأنت بين ذينك حامل عذرة .
قال فأرخى الفتى أذنيه وكف عما كان يفعل وطأطأ رأسه ومشى مسترسلا .
ثم أنشدني أبو العتاهية .
( أيا واهاً لذِكر اللَّهِ ... يا واهاً له واهَا ) .
( لقد طَيَّب ذِكروُ اللَّه ... بالتسبيح أَفواها ) .
( فيا أنتنَ من حُشٍّ ... على حشٍّ إذا تاها ) .
( أرى قوماً يتيهون ... حُشوشا رُزقوا جاهَا ) .
حدثني اليزيدي عن عمه إسماعيل بن محمد بن أبي محمد قال .
قلت لأبي العتاهية وقد جاءنا يا أبا إسحاق شعرك كله حسن عجيب ولقد مرت بي منذ أيام أبيات لك استحسنتها جدا وذلك أنها مقلوبة أيضا فأواخرها كأنها رأسها لو كتبها الإنسان إلى صديق له كتابا والله لقد كان حسنا أرفع ما يكون شعرا .
قال وما هي قلت .
( المرءُ في تأخير مُدّته ... كالثوب يَخْلُق بعد جِدّتِه ) .
( وحياتُهُ نَفَسٌ يُعَدّ له ... ووفاتُه استكمالُ عِدّتِه ) .
( ومصيرُه من بعد مُدّته ... لِبِلًى وذا من بعد وُحْدته ) .
( مَنْ مات مَالَ ذوو مودّته ... عنه وحالوا عن مودّتِه ) .
( أزِفَ الرحيلُ ونحن في لَعِبٍ ... ما نستعِدّ له بِعُدّته )