لما استخلف الوليد بن يزيد كتب إلى عامله بالمدينة يأمره بالشخوص إليه بعطرد المغني قال عطرد فأقرأني العامل الكاتب وزودني نفقة وأشخصني إليه فأدخلت عليه وهو جالس في قصره على شفير بركة مرصصة مملوءة خمرا ليست بالكبيرة ولكنها يدور الرجل فيها سباحة فوالله ما تركني أسلم عليه حتى قال أعطرد قلت نعم يا أمير المؤمنين قال لقد كنت إليك مشتاقا يا أبا هارون غنني .
( حيِّ الحُمولَ بجانب العَزْلِ ... إذ لا يُلائم شكلُها شكلي ) .
( إني بحبلكِ واصلٌ حبلي ... وبريش نَبْلكِ رائشٌ نبلي ) .
( وشمائلي ما قد علمتِ وما ... نبحَتْ كلابُك طارقاً مثلي ) .
قال فغينته إياه فوالله ما أتممته حتى شق حلة وشي كانت عليه لا أدري كم قيمتها فتجرد منها كما ولدته أمه وألقاها نصفين ورمى بنفسه في البركة فنهل منها حتى تبينت علم الله فيها أنها قد نقصت نقصانا بينا وأخرج منها وهو كالميت سكرا فأضجع وغطي فأخذت الحلة وقمت فوالله ما قال لي أحد دعها ولا خذها فانصرفت إلى منزلي متعجبا مما رأيت من ظرفه وفعله وطربه فلما كان من غد جاءني رسوله في مثل الوقت فأحضرني فلما دخلت عليه قال لي يا عطرد قلت لبيك يا أمير المؤمنين قال غنني .
( أيَذْهبُ عمري هكذا لم أَنَلْ بها ... مَجَالسَ تَشفِي قَرْحَ قلبي من الوجدِ ) .
( وقالوا تَدَاوَ إنّ في الطّبِّ راحةً ... فعللتُ نفسي بالدواء فلم يُجْدِ ) .
فغنيته إياه فشق حلة وشي كانت تلتمع عليه بالذهب التماعا احتقرت والله الأولى عندها ثم ألقى نفسه في البركة فنهل فيها حتى تبينت علم الله نقصانها وأخرج