كذا أنشده أبو زيد : لم يُقْدَرَ بفتح الراء وقال : أراد النون الخفيفة فحذَفها وحَذْف نون التوكيد وغيرها من علاماته جارٍ عندنا مجرى ادّغام الملحق في أنه نقض الغرض إذ كان التوكيد من أماكن الإسهاب والإطناب والحذف من مظانّ الاختصار والإيجاز . لكن القول فيه عندي أنه أراد : أيوم لم يقدّرْ أم يوم قدِر ثم خفّف همزة ( أم ) فحذفها وألقى حركتها على راء ( يقدر ) فصار تقديره ( أيوم لم يقدرَمْ ثم أشبع فتحة الراء فصار تقديره ) : أيوم لم يقدَر امْ فحرّك الألف لالتقاء الساكنين فانقلبت الهمزة فصار تقديره يقدرَ أم ( واختار ) الفتحة إتباعا لفتحة الراء . ونحو من هذا التخفيف قولهم في المرأة والكمأة ( إذا خففت الهمزة : المراة والكماة ) . وكنت ذاكرت الشيخ أبا عليّ - C - بهذا منذ بضع عشرة سنة فقال : هذا إنما يجوز في المتصل . قلت له : فأنت أبدا تكرر ذكر إجرائهم المنفصل مجرى المتّصل فلم يردّ شيئا . وقد ذكرت قديما هذا الموضع في كتابي " في سرّ صناعة الإعراب " .
ومن إجراء المنفصل مُجرى المتصل قوله : .
( وقد بدا هَنْكِ مِن المئزرِ ... ) .
فشبه ( هَنُك ) بِعضد فأسكنه كما يسكّن نحو ذلك