باب في إيراد المعنى المراد بغير اللفظ المعتاد .
اعلم أن هذا موضع قد استعملته العرب واتبعتها فيه العلماء . والسبب في هذا الاتساع أن المعنى المراد مُفاد من الموضعين جميعا فلما آذنا به وأديا إليه سامحوا أنفسهم في العبارة عنه إذ المعانى عندهم أشرف من الألفاظ . وسنفرد لذلك بابا .
فمن ذلك ما حكاه أبو الحسن : أنه سأل أعرابيا عن تحقير الحبارى فقال : حبرور . ( وهذا ) جواب من قصد الغرض ولم يحفل باللفظ إذ لم يفهم غرض أبى الحسن فجاء بالحُبرور لأنه فرخ الحبارى . وذلك أن هذا الأعرابي تلقى سؤال أبى الحسن بما هو الغرض عند الكافة في مثله ولم يحفل بصناعة الإعراب التي إنما هي لفظية ولقوم مخصوصين من بين أهل الدنيا أجمعين . ونحو من ذلك أنى سألت الشجرى فقلت : كيف تجمع المحر نجم فقال : وأيش فرقة حتى أجمعه ! وسألته يوما ( فقلت ) : كيف تحقر الدمكمك فقال : شخيت . فجاء بالمعنى الذي يعرفه هو ولم يراع مذهب الصناعة .
ونحو من هذا ما يحكى عن أبى السمال أنه كان يقرأ : ( فحاسوا خلال الديار ) فيقال له : إنما هو فجاسوا فيقول : جاسوا وحاسوا واحد . وكان أبو مهدية إذا أراد الأذان قال : الله أكبر مرتين أشهد أن لا إله إلا الله مرتين ثم كذلك إلى آخره . فإذا قيل له : ليست السنة كذلك إنما هي : الله أكبر الله أكبر أشهد