فإن احتج أبو الحسن بكثرة هذه المواضع نحو قام زيد وانطلق محمد وجاء القوم ونحو ذلك قيل له : وكذلك حذف المضاف قد كثر حتى إن في القرآن - وهو أفصح الكلام - منه أكثر من مائة موضع بل ثلاثمائة موضع وفي الشعر منه ما لا أحصيه .
فإن قيل ك يجئ من هذا ان تقول : ضربت زيدا وإنما ضربت غلامه وولده .
قيل : هذا الذي شنعت به بعينه جائز ألا تراك تقول : إنما ضربت زيدا بضربك غلامه وأهنته بإهانتك ولده . وهذا باب إنما يصلحه ويفسده المعرفة به . فإن فُهم عنك في قولك : ضربت زيدا أنك إنما أردت بذلك : ضربت غلامه أو أخاه أو نحو ذلك جاز وإن لم يفهم عنك لم يجز كما أنك إن فهم عنك بقولك : أكلت الطعام أنك أكلت بعضه لم تحتج إلى البدل وإن لم يفهم عنك وأردت إفهام المخاطب إياه لم تجد بدا من البيان وأن تقول : بعضه أو نصفه أو نحو ذلك . ألا ترى أن الشاعر لما فُهم عنه ما ( أراد بقوله ) قال : .
( صَبَّحن من كاظمةَ الخُصِّ الخرِبْ ... يحملن عبَّاس بنَ عبد المطلبْ )