ومما يقبح تقديمه الاسم المميز وإن كان الناصبه فعلا متصرفا . فلا نجيز شحما تفقأت ولا عرقا تصببت . فأما ما أنشده أبو عثمان وتلاه فيه أبو العباس من قول المخبل .
( أتهجر ليلى للفراق حبيبها ... وما كان نفسا بالفراق يطيب ) .
فتقابله برواية الزجاجىّ وإسماعيل بن نصر وأبى إسحاق أيضا : .
( وما كان نفسى بالفراق تطيب ... ) .
فرواية برواية والقياس من بعد حاكم . وذلك أن هذا المميز هو الفاعل في المعنى ألا ترى أن أصل الكلام تصبب عرقى وتفقا شحمى ثم نقل الفعل فصار في اللفظ لى فخرج الفاعل في الأصل مميزا فكما لا يجوز تقديم الفاعل على الفعل فكذلك لا يجوز تقديم المميز إذ كان هو الفاعل في المعنى على الفعل .
فإن قلت : فقد تُقدم الحال على العامل فيها وإن كانت الحال هي صاحبة الحال في المعنى نحو قولك : راكبا جئت و ( جُشَّعاً أبصارُهم يخرجون من الأجداث ) .
قيل : الفرق أن الحال ( لم تكن ) في الاصل هي الفاعلة كما كان المميز كذلك ألا ترى أنه ليس التقدير والأصل : جاء راكبى كما أن أصل طِبْتُ به نفسا