وقد حُذف الموصوف وأقيمت الصفة مُقامه وأكثر ذلك في الشعر . وإنما كانت كثرته فيه دون النثر من حيث كان القياس يكاد يحظره . وذلك أن الصفة في الكلام على ضربين : إما ( للتخليص والتخصيص ) وإما للمدح والثناء . وكلاهما من مقامات الإسهاب والإطناب لا من مظان الإيجاز والاختصار . وإذا كان كذلك لم يلق الحذف به ولا تخفيف اللفظ منه . هذا مع ما ينضاف إلى ذلك من الإلباس وضد البيان . ألا ترى أنك إذا قلت : مررت بطويل لم يستبن من ظاهر هذا اللفظ أن الممرور به إنسان دون رمح أو ثوب أو نحو ذلك . وإذا كان كذلك كان حذف الموصوف إنما هو متى قام الدليل عليه أو شهدت الحال به . وكلما استبهم الموصوفُ كان حذفه غير لائق بالحديث .
ومما يؤكد عندك ضعف حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه أنك تجد من الصفات ما لا يمكن حذف موصوفه . وذلك أن تكون الصفة جملة نحو مررت برجل قام أخوه ولقيت غلاما وجهُه حسن . ألا تراك لو قلت : مررت بقام أخوه أو لقيت وجهُه حسن لم يحسن .
فأما قوله : .
( والله ما زيد بنام صاحِبُهْ ... ولا مخالط الليان جانِبُهْ )