ومما خُلِعت عنه دلالة الاستفهام قول الشاعر - أنشدَنَاه سنة إحدى وأربعين - : .
( أَنَّى جَزَوْا عامرا سَيْئاً بفعلهمُ ... أم كيف يجزوننى السُوأَى من الحَسَنِ ) .
( أم كيف ينفع ما تُعْطِى العَلُوقُ به ... رئمان أنف إذا ما ضُنّ باللبن ) .
فأم في أصل الوضع للاستفهام كما أن ( كيف ) كذلك . ومحالٌ ( اجتماع حرفين ) لمعنى واحد فلا بدّ أن يكون أحدهما قد خلِعت عنه دلالةُ الاستفهام . وينبغى أن يكون ذلك الحرف ( أم ) دون ( كيف ) حتى كأنه قال : بل كيف ينفع فجعلها بمنزلة ( بل ) في الترك ( والتحوّل ) .
ولا يجوز أن تكون ( كيف ) هي المخلوعة عنها دلالة الاستفهام لأنها لو خلِعت عنها لوجب إعرابها لأنها إنما بُنِيت لتضمّنها معنى حرف الاستفهام فإذا زال ذلك عنها وجب إعرابها كما أنه لمّا خلعت دلالة الاستفهام عن ( مَنْ ) أعرِبت في قولهم : ضَرَب مَنٌ مَناّ . وكذلك قولك : مررت برجل أيِّ رجل لمّا خلعت عنها دلالة الاستفهام ( جرت وصفا ) . وهذا واضح جلىّ