وهذا مذهب في هذه اللغة طريف غريب لطيف . وهو فقهها وجامع معانيها وضامُّ نَشَرها . وقد هممث غير دَفْعة أن أنشئ في ذلك كتابا أتقصَّى فيه أكثرها والوقت يضيق دونه . ولعله لو خرج لَمَا أقنعه ألفُ ورقة إلا على اختصار وإيماء . وكان أبو علي C يستحسن هذا الموضع جدّا وينبّه عليه ويُسَرُّ بما يُحضره خاطرُه منه . وهذا باب إنما يُجمع بين بعضه وبعض من طريق المعاني مجَّردَةً من الألفاظ وليس كالاشتقاق الذي هو من لفظ واحد فكأن بعضه مَنْبَهة على بعض . وهذا إنما يعتنق فيه الفكرُ المعانيَ غير منبهته عليها الألفاظُ . فهو أشرف الصنعتين وأعلى المأخذين . فتفطَّن له وتأنّ لجمعه فإنه يؤنقك ويُفِئ عليك ويبسط ما تجعَّد من خاطرك ويُريك من حِكَم الباري - عزَّ اسمه - ما تقف تحته وتسلِّم لعظم الصنعة فيه وما أُودِعتَهْ أحضانُه ونواحيه باب في الاشتقاق الأكبر .
هذا موضع لم يسمّه أحد من أصحابنا غير أن أبا على - C - كان يستعين به ويُخلِد إليه مع إعواز الاشتقاق الأصغر . لكنه مع هذا لم يسمه وإنما كان يعتاده عند الضرورة ويَسْتروِح إليه ويتعلَّل به . وإنما هذا التلقيب لنا نحن . وستراه فتعلم أنه لقب مستحسن . وذلك أن الاشتقاق عندي على ضربين : كبير وصغير