وكذلك حِبْل مال كأنه يضبطها كما يضبِطها الحَبْلُ يشدّ به . ومنه الحِبْل : الداهيةُ من الرجال لأنه يضبِط الأمور ويحيط بها .
وكذلك عِسْل مال لأنه يأتيها ويعسل إليها من كلّ مكان ومنه الذئب العَسُول ألا ترى أنه إنما سمى ذئبا لتذاؤبه وخبثه ومجيئه تارة من هنا ومرّة من هنا .
وكذلك زِرّ مال : أي يجمعه ويضبِطه كما يضبط الزِرُّ الشيء المزرور .
فهذه الأصول وهذه الصِيَغ على اختلاف الجميع مرتمية إلى موضع واحد على ما ترى .
ومن ذلك قولهم للدم : الجَدية والبَصِيرة . فالدم من الدُمْية لفظا ومعنى . وذلك أن الدُمْية إنما هي للعين والبصر وإذا شوهدت فكأن ما هي صورته مشاهَد بها وغير غائب مع حضورها فهي تَصِف حال ما بعد عنك . وهذا هو الغرض في هذه الصُوَر المرسومة للمشاهدة . وتلك عندهم حال الدم ألا ترى أن الرَمِيّة إذا غابت عن الرامي استدلّ عليها بدمها فاتبعه حتى يؤدّيه إليها . ويؤكّد ذلك لك قولهم فيه ( البصيرة ) وذلك أنها إذا أُبصِرت أدت إلى المرمىّ الجريح . ولذلك أيضا قالوا له ( الجِديَّة ) لأنه يُجدِى على الطالب للرمَّية ما يبغيه منها . ولو لم يُر الدم لم يستدلل عليها ولا عرِف موضعها قال كل ما أصميت ودع ما أنميت