جذبا فهو جاذب والمفعول مجذوب وجبَذَ يجبِذ جَبْذا فهو جابذ والمفعول مجبوذ . فإن جعلت مع هذا أحدهما أصلا لصاحبه فسد ذلك لأنك لو فعلته لم يكن أحدهما أسعد بهذه الحال من الآخر . فإذا وقفتِ الحالُ بينهما ولم يُؤثَر بالمِزيَّة أحدهما وجب أن يتوازيا وأن يَمْثُلا بصفحتيهما معا . وكذلك ما هذه سبيله .
فإن قَصُر أحدهما عن تصَرّف صاحبه ولم يساوه فيه كان أوسعُهما تصرّفا أصلا لصاحبه . وذلك كقولهم أنى الشيءُ يأنىِ وآن يئين . فآن مقلوب عن أنى . والدليل على ذلك وجودك مصدرَ أَنَى يأنى وهو الإنَى ولا تجد لآن مصدرا كذا قال الأصمعيّ . فأمَّا الأيْن فليس من هذا في شئ إنما الأين : الإعياء والتعب . فلمَّا عُدم من ( آن ) المصدرُ الذي هو أصل للفعل عُلِم أنه مقلوب عن أنى يأنى إنَّى قال الله تعالى ( إلاَّ أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ) أي بلوغه وإدراكه . قال أبو علي : ومنه سمَّوا الإناء لأنه لا يستعمل إلا بعد بلوغه حظَّه من خَرْزه أو صياغته أو نجارته أو نحو ذلك . غير أن أبا زيد قد حَكَى لآن مصدرا وهو الأين . فإن كان الأمر كذلك فهما إدا أصلان متساويان وليس أحدهما أصلا لصاحبه .
ومثل ذلك في القلب قولهم ( أيِسْت من كذا ) فهو مقلوب من ( يئست ) لأمرين ذكر أبو علي أحدهما وهو ما ذهب إليه من أن ( أيست ) لا مصدر له