مشابهته له أن يوافق أمثلة القوم كما كان المْنَاب عنه مِثَالا من مُثُلهم أيضا ألا ترى أن الخليل لمّا رتّب أمر أجزاءِ العَرُوض المزاحَفة فأوقع للزحاف مثالا مكان مثال عدَل عن الأوّل المألوف الوزن إلى آخر مثلهِ في كونه مألوفا وهَجَر ما كان بقَّتْهُ صنعةُ الزحاف من الجزء المزاحف مما كان خارجا عن أمثلة لغتهم .
وذلك أنه لمّا طوى ( مُسْ تَفْ عِلُنْ ) فصار إلى ( مُسْ تَعِلُن ) ثَنَاه إلى مثال معروف وهو ( مفتعلن ) لمّا كره ( مُسْتعَلُنْ ) إذ كان غير مألوف ولا مستعمَل وكذلك لمَّا ثرم ( فَعُولُنْ ) فصار إلى ( عُولُ ) وهو مثال غير معروف عَدَله إلى ( فَعْلُ ) . وكذلك لما خَبَل ( مُسْتَفْعِلُنْ ) فصار إلى ( مُتعَلُنْ ) فاستنكر ما بقى منه جعل خالِفة الجزء ( فَعَلَتُنْ ) ليكون ما صِيَر إليه مثالا مألوفا كما كان ما انصُرف عنه مثالا مألوفا .
ويؤكِّد ذلك عندك أن الزحاف إذا عَرَض في موضع فكان ما يبقى بعد إيقاعه مثالا معروفا لم يَستبدل به غيرَه . وذلك كقبضه ( مفاعيلن ) إذا صار إلى ( مفاعِلن ) وككفّه أيضا لمَّا صار إلى ( مفاعيل ) فلمَّا كان ما بقى عليه الجزء بعد زحافه مثالا غير مستنكَر أقرهَّ على صورته ولم يَتَجشّم تصوير مثال آخر غيره عِوضا منه وإنما أخَذ الخليل بهذا لأنه أحزم وبالصنعة أشبه