العِطر وقطَّان من القُطْن بل حَّية من لفظ ( ح ى ى ) من مضاعف الياء وحوَّاء من تركيب ( ح و ى ) كشوّاء وطوّاء . ويدلّ على أن الحيّة من مضاعف الياء ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم في الإضافة إلى حَيَّة بن بَهْدَلة : حَيَوِىّ فظهور الياء عينا في حيوىّ قد علمنا منه كون العين ياء وإذا كانت العين ياء واللام معتلَّة فالكلمة من مضاعف الياء آلبتة ألا ترى أنه ليس في كلامهم نحو حَيَوْتُ . وهذا واضح . ولولا هذه الحكاية لوجب أن تكون الحَية والحوّاء من لفظ واحد لضربين من القياس : أمّا أحدهما فلأن فَعَّالا في المعاناة إنما يأتى من لفظ المعانيَ نحو عطَّارٍ من العطر وعصَّاب من العَصْب . وأمّا الآخر فلأن ما عينه واو ولامه ياء أكثر مما عينه ولامه ياءان ألا ترى أن باب طويت وشويت أكثر من باب حيِيت وعييِت . وإذا كان الأمر كذلك علمت قوّة السماع وغلبته للقياس ألا ترى أن سماعا واحدا غلب قياسين اثنين .
نعم وقد يعرض هذا التداخل في صنعة الشاعر فيَرى أو يُرِى أنه قد جنَّس وليس في الحقيقة تجنيساً وذلك كقول القطامي : .
( مستحقِبِين فؤادا ما له فادِ ... )