وقالوا أيضا : لأضربنَّ أيُّهم أفضلُ وهي مبنّية عند سيبويه . فهذا شئ عرض قلنا فيه .
ثم لنعد إلى ما كنا عليه من أن جميع باب ( ن ع م ) إنما هو مأخوذ من ( نَعَمْ ) لما فيها من المحَّبة للشيء والسرور به . فنَّعمت الرجل أي قلت له ( نَعَمْ ) فنِعم بذلك بالا كما قالوا : بَجلَّته أي قلت له ( بَجَلْ ) أي حَسْبك حيث انتهيت فلا غاية مِن بعدك ثم اشتُّقوا منه الشيخ البَجَال والرجل البِجيل . فنعم وبَجَلْ كما ترى حرفان وقد اشتقّ منهما أحرف كثيرة .
فإن قلت : فهلاَّ كان نَعَمْ وبَجَلْ مشتقَّين من النِعمة والنعيم والبَجِال والبِجيلِ ونحوِ ذلك دون أن يكون كل ذلك مشتقّا منهما قيل : الحروف يشتَقُّ منها ولا تشتقّ هي أبدا . وذلك أنها لمَّا جمدت فلم تتصرَّف شابهت بذلك أصول الكلام الأوَل التي لا تكون مشتَّقة ( من شئ ) ( لأنه ليس قبلها ما تكون فرعا له ومشتقَّة منه ) يؤكّد ذلك عندك قولهم : سألتك حاجة فلوليت لِي أي قلت لي ( لولا ) فاشتقّوا الفعل من الحرف المركب من ( لو ) و ( لا ) فلا يخلو هذا أن يكون ( لو ) هو الأصل أو ( لولا ) لا يجوز أن يكون ( لولا ) لأنه لو كان ( لولا ) هو الأصل كان ( لو ) محذوفا منه والأفعال لا تحذف إنما تحذف الأسماء نحو يٍدٍ ودمِ وأخ وأبٍ وما جرى مجراه وليس الفعل كذلك . فأمّا خُذْ وكُلْ ومُرْ فلا يعتدّ إن شئت لقلته وإن شئت لأنه حذف تخفيفا في موضع وهو ثابت في تصريف الفعل نحو أخذ يأخذ وأخْذٍ وآخذٍ