واللام مهموزة فصحَّت في بعض الأحوال بعد وجوب اجتماع الهمزتين . فأما أَشئؤُها وأَدْأَؤها فليست الهمزتان فيهما بأصلين . وكيف تكونان أصلين وليس لنا أصل عينه ولامه همزتان ولا كلاهما أيضا عن وجوب .
فالناطق بذلك بصورة مَن جرَّ الفاعل أو رفع المضاف إِليه في أنه لا أصل يسوِّغه ولا قياس يحتمله ولا سماع وَرَد به . وما كانت هذه سبيله وجب اطِّراحه والتوقّف عن لغة مَن أورده .
وأنشدني أيضا شعرا لنفسه يقول فيه : كأنّ ناي . . . فقوِى في نفسي بذلك بُعدُه عن الفصاحة وضعفُه عن القياس الذي ركِبه . وذلك أن ياء المتكلم تكسِر أبدا ما قبلها . ونظير كسرة الصحيح كون هذه الأسماء الستَّة بالياء نحو مررت بأخيك وفيك . فكان قياسه أن يقول ( كأنّ فِىَّ ) بالياء كما يقول ( كأنّ غلامِي ) . ومثله سواءً ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم : كسرتَ فِيَّ ولم يقل ( فاي ) وقد قال اللّه سبحانه : ( إِن أبِي يدعوك ) ولم يقل : إِن أباي . وكيف يجوز إِن أباي بالألف وأنت لا تقول إن غلامَيْ قائم وإِنما تقول كأنّ غلامي بالكسر . فكذلك تقول ( كأنّ فيّ ) بالياء . وهذا واضح . ولكن هذا الإنسان حمل بضعف قياسه قوله ( كأنّ فاي ) على قوله : كأنّ فاه وكأنّ فاك وأنْسى ما توجبه ياء المتكلم : من كسر ما قبلها وجعلِه ياء .
فإن قلت فكان يجب على هذا أن تقول : هذان غلاميَّ فتبدل ألف التثنية ياء لأنك تقول هذا غلامي فتكسر الميم قيل هذا قياس لعمرِي غير أنه عارَضه قياس أقوى منه فتُرِك إِليه . وذلك أن التثنية ضرب من الكلام