ومن التدريج في اللغة أن يكتسِي المضافُ من المضاف إليهِ كثيرا من احكامه من التعريف والتنكير والاستفهام والشِيَاع وغيره ألا ترى ان مالا يستعمل من الاسماء في الواجب إذا اضيف إليه شىء منها صار في ذلك إلى حكمه وذلك قولك ما قرعت حَلْقة بابِ دارِ أحدٍ قطُّ فسرى ما في أحد من العموم والشِياع إلى الحَلْقة ولو قلت قرعت حَلْقة بابِ دارِ أحدٍ أو نحوَ ذلك لم يجز .
ومن التدريج في اللغة إجراؤهم الهمزة المنقلبة عن حرفى العِلَّة عينا مُجْرَى الهمزة الأصليَّة وذلك نحو قولهم في تحقير قائم وبائع قُوَيئم وبُوَيئع فألحقوا الهمزة المنقلبة بالهمزة الأصليَّة في سائلٍ وثائرٍ من سأل وثأر إذا قلت سويئِل وثويئر وليست كذلك اللام إذا إنقلبت همزة عن أحَد الحرفين نحو كساءٍ وقضاءٍ ألا تراك تقول في التحقير كُسَىٌّ وقُضَىّ فتردّ حرف العِلَّة وتحذفه لإجتماع الياءات وليست كذلك الهمزة الأصليَّة ألا تراك تقول في تحقيرِ سلاءٍ وخِلاءٍ بإقرار الهمزة لكونها أصلية وذلك سُلَيِّىء وخُلَيِّىء وتقول أيضا في تكسير كِساءٍ وقَضاءٍ بترك الهمزة البتَّة وذلك قولك أكْسِية وأقضية وتقول في سِلاءِ وخِلاءِ أسلئة وأخلئة فأعرف ذلك .
لكنك لوبنيت من قائم وبائع شيئا مرتَجلا أعدْت الحرفين البتَّةَ وذلك كأن تبنى منهما مثل جعفر فتقول قَوْمَم وبَيْعَع ولم تقل قَأْمم ولا بأعع لأنك إنما تبنى من أصل المثال لا من حروفه المغيَّرة ألا تراك لو بنيت من قِيلٍ ودِيمةٍ مثال فَعْل لقلت دَوْم وقَوْل لاغير