ومن ذلك قولهم بأيِّهم تمرر أمررْ فقدَّموا حرف الجرّ على الشرط فأعملو فيه وإن كان الشرط لا يعمل فيه ما قبله لكنهم لمَّا لم يجدوا طريقا إلى تعليق حرف الجرّ استجازوا إعماله في الشرط فلمَّا ساغ لهم ذلك تدرَّجوا منه إلى ان اضافوا إليه الاسم فقالوا غُلامَ مَنْ تضربْ أضربْه وجاريةَ من تلق ألقها فالاسم في هذا إنما جاز عمله في الشرط من حيث كان محمولا في ذلك على حرف الجرّ وجميع هذا حكمه في الاستفهام حكمه في الشرط من حيث كان الاستفهام له صَدْر الكلام كما أن الشرط كذلك فعلى هذه جاز بأيِّهِم تمرُّ وغلامَ مَنْ تضربُ فأماً قولهم .
( أتذكر إذْ مَنْ يأتِنا نأِتِه ... ) .
فلا يجوز إلا في ضرورة الشعر وإنما يجوز على تقدير حذف المبتدأ أي اتذكر إذ الناس مَنْ يأتِنا نأتِهِ فلمَّا باشر المضافَ غيرُ المضاف إليهِ في اللفظ أشبه الفصل بين المضافِ والمضاف إليه فلذلك أجازوه في الضرورة .
فإن قيل فما الذي يمنع من إضافتهِ إلى الشرط وهو ضرب من الخبر قيل لأن الشرط له صَدْر الكلاِم فلو أضفت إليهِ لعلَّقته بما قبله وتانك حالتان متدافعتان فأمّا بأيِّهم تمررْ أمررْ ونحوه فإن حرف الجرِّ متعلِّق بالفعل بعد الاسم والظرف في قولك اتذكر إذ من يأتِنا نأتهِ متعلِّق بقولك أتذكر وإذا خرج ما يتعلَّق بِه حرف الجرّ من حَيِّز الاستفهام لم يعمل في الاسم المستفَهم بِه ولا المشروط بِه