وحدّثني أبو علي قال قلت لأبي عبد الله البصريّ أنا أعجب من هذا الخاطِر في حضورهِ تارة ومغيبِه أخرى وهذا يدّل على أنه مِن عنِد اللِه فقال نعم هو من عند اللهِ إلا أنه لا بدّ من تقديم النظرِ ألا ترى أن حاِمدا البقّال لا يخطر له .
ومن طريف حديث هذا الخاطِر أنني كنت منذ زمان طويلِ رأيت رأيا جمعت فيه بين معنى آيةِ ومعنى قول الشاعر .
( وكنت أمشي على رِجْلين معتدلاِ ... فصرت أمشي على أخرى من الشجرِ ) .
ولم أُثبت حينئذٍ شرح حال الجمع بينهما ثقةً بحضوره متى استحضرتُه ثم إني الآن وقد مضى له سِنون أعان الخاطر وأستثمِده وأفانِيِه وأتودّده على أن يسمح لي بما كان أرانِيه من الجمع بين معنى الآية والبيت وهو معتاصٌ متأبً وضَنين به غير مُعطٍ .
وكنت وأنا أنسخ التذكرِة لأبي عليّ إذا مَّر بي شئ قد كنت رأيت طَرَفا منه أو الممتُ به فيما قبل أقول له قد كنتُ شارفت هذا الموضع وتلوَّح لي بعضُه ولم أنتِه إلى آخره وأراك أنت قد جئت بِه واستوفيته وتمكّنت فيه فيتبسمّ C له ويتطلّق إليه سرورا باستماعه ومعرفة بقدْرِ نعمةِ الله عنِده فيه وفي أمثاله