وذلك كقوله حتّى الناصبة للفعل وقد تكرر من قوله انها حرف من حروف الجرّ وهذا ناف لكونها ناصبة له من حيث كانت عواملُ الأسماء لا تباشر الأفعال فضلا عن أن تُعمل فيها وقد استقرّ من قوله في غير مكان ذكْرُ عدّة الحروف الناصبة للفعل وليست فيها حتَّى فعلم بذلك وبنصِّه عليه في غير هذا الموضع أنّ أنْ مضمَرة عنده بعد حتَّى كما تضمَر مع اللام الجارّة في نحو قوله سبحانه ( لِيَغفرَ لك الله ) ونحو ذلك فالمذهب إذا هو هذا .
ووجه القوِل في الجمع بين القولين بالتأويل أن الفعل لمَّا انتصب بعد حتى ولم تظهر هناك أنْ وصارت حتَّى عوضا منها ونائبة عنها نَسَب النصب إلى حتَّى وإن كان في الحقيقة ل أنْ .
ومثله معنَى لا إعرابا قول الله سبحانه ( وما رميتَ إذْ رَمَيْتَ ولكنّ الله رمى ) فظاهر هذا تنافٍ بين الحالتين لأنه أثبت في أحِد القولين ما نفاه قبله وهو قوله ما رميت إذ رميت ووجه الجمع بينهما أنه لمَّا كان الله أقدره على الرمى ومكَّنه منه وسدّده له وأمره به فأطاعه في فعله نسب الرمي إلى الله وإن كان مكتسبَا للنبي A مشاهَدا منه .
ومثله معنًى قولُهم أذَّن ولم يؤذّن وصَلىّ ولم يصلّ ليس أن الثاني ناٍف للأَوَّل لكنه لمَّا لم يَعتقد الأوّل مُجزِئا لم يثبته صلاةً ولا أذانا