وأما قوله وأينما ففيه نظر وذلك أنه جرّده أيضاً من الاستفهام كما جرّد أىّ فإذا هو فعل ذلك احتمل هنا مِن بعدُ أمرين أحدهما أن يكون جعل أين علما أيضاً للبقعة فمنعها الصرف للتعريف والتأنيث كأيّ فتكون الفتحة في آخِر أين على هذا فتحةَ الجرّ وإعراباً مثلها في مررت بأحمد فتكون ما على هذا زائدة وأين وحدها هي الاسم كما كانت أيّ وحدها هي الاسم والآخر أن يكون ركّب أين مع ما فلمّا فعل ذلك فتح الأوّل منهما كفتحة الياء من حيَّهل لمّا ضمّ حىَّ إلى هل فالفتحة في النون على هذا حادثة للتركيب وليست بالتي كانت في أين وهي استفهام لأن حركة التركيب خَلَفتها ونابت عنها وإذا كانت فتحةُ التركيب تؤثّر في حركة الإعراب فتزيلها إليها نحو قولك هذه خمسةَ معرب ثم تقول في التركيب هذه خمسةَ عشرَ فتخلف فتحةُ التركيب ضمّةَ الإعراب على قوة حركة الإعراب كان إبدال حركة البناء من حركة البناء أحرى بالجواز وأقربَ في القياس وإن شئت قلت إن فتحة النون في قوله بأيّ وأينما هي الفتحة التي كانت في أين وهي استفهام من قَبْل تجريدها أقرّها بحالها بعد التركيب على ما كانت عليه ولم يُحْدِث خالفاً لها من فتحة التركيب واستدللت على ذلك بقولهم قمتُ إِذْ قمتَ فالذال كما ترى ساكنة ثم لمّا ضمّ إليها ما وركّبها معها أقرّها علّى سكونها فقال .
( إِذْ ما أتيتَ على الرسولِ فقل له ... )