لم تنطق بقياسك أنت كنت على ما أجمعوا عليه البتة وأعددت ما كان قياسُك أدّاك إليه لشاعرٍ مولَّد أو لساجع أو لضرورة لأنه على قياس كلامهم بذلك وصّى أبو الحسن .
وإِذا فشا الشئ في الاستعمال وقوِى في القياس فذلك مالا غاية وراءه نحوُ منقاد اللغة من النصب بحروف النصب والجرّ بحروف الجرّ والجزمِ بحروف الجزم وغير ذلك مما هو فاشٍ في الاستعمال قوىّ في القياس .
وأمّا ضعف الشئ في القياس وقلّته في الإستعمال فمرذول مطرح غير أنه قد يجيء منه الشيء إلا أنه قليل وذلك نحو ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر .
( اضرب عنك الهموم طارقها ... ضربك بالسيف قونس الفرس ) .
قالوا أراد اضربن عنك فحذف نون التوكيد وهذا من الشذوذ في الاستعمال على ما تراه ومن الضعيف في القياس على ما أذكره لك وذلك أن الغرض في التوكيد إنما هو التحقيق والتسديد وهذا مما يليق به الأطناب والإسهاب وينتفى عنه الإيجاز والاختصار ففي حذف هذه النون نقص الغرض فجرى وجوب استقباح هذا في القياس مجرى امتناعهم من ادغام الملحق نحو مهدد وقردد