والعلّة في وجوب إعلاله وإعلال استنوق واستفيل واستتيست أنا قد أحَطْنا عِلْماً بأن الفعل إنّما يُشتقّ من الحدث لا من الجوهر ألا ترى إلى قوله وأمّا الفِعْل فأمثِلة أُخِذت من لفظ أحداث الأسماء فإذا كان كذلك وجب أن يكون استنوق مشتقّاً من المصدر وكان قياس مصدره أن يكون معتلاّ فيقال استِناقة كاستعانة واستشارة وذلك انه وإن لم يكن تحته ثلاثيّ معتلّ كقام وباع فيلزَم إجراؤه في الإعلال عليه فإن باب الفِعْل إذا كانت عينه أحد الحرفين أن يجئ معتلاّ إلاّ ما يستثنى من ذلك نحو طاوَل وبايع وحَوِل وعَوِر واجتَوَرُوا واعتَوَنُوا لتلك العلل المذكورة هناك وليس باب أفعل ولا استفعل منه فلمّا كان الباب في الفعل ما ذكرناه من وجوب إِعلاله وجب أيضاً أن يجئ استنوق ونحوُه بالإِعلال لاطّراد ذلك في الفعل كما أن الاسم إِذا كان على فاعِل كالكاهل والغارب إلا أن عينه حرف علّة لم يأتِ عنهم إِلاّ مهموزا وإِن لم يَجْرِ على فِعْل ألا تراهم همزوا الحائش وهو اسم لا صفة ولا هو جارٍ على فعل فأعلُّوا عينه وهي في الأصل واو من الحَوْش .
فإن قلت فلعلّه جارٍ على حاشَ جريان قائم على قام قيل لم نرهم أجرَوْه صفة ولا أعملوه عمل الفعل وإنما الحائش البستان بمنزلة الصّوْر وبمنزلة الحديقة فإن قلت فإن فيه معنى الفعل لأنه يَحُوش ما فيه من النخل وغيره وهذا يؤكّد كونه في الأصل صفة وإن كان قد استَعمل استعمال الأسماء كصاحب ووالد