وغيرهما . فوضع الطريق - وهو بعض ما كان يصلح للأمام أن يقع عليه - موضع الأمام . فنظير هذا أنّ واو العطف وَضْعُها لغير الترتيب وأن تصلح للأَوقات الثلاثة نحو جاء زيد وبكر . فيصلح أن يكونا جاءا معا وأن يكون زيد قبل بكر وأن يكون بكر قبل زيد . ثم إنك قد تنقلها من هذا العموم إلى الخصوص . وذلك قولهم : اختصم زيد وعمرو . فهذا لا يجوز أن يكون الواو فيه إلا لوقوع الأمرين في وقت واحد . ففي هذا أيضا إخراج الواو عن أوّل ما وُضعت له في الأصل : من صلاحها للأزمنة الثلاثة والاقتصار بها على بعضها كما اقتُصر على الطريق من بعض ما كان يصلح له الأمام .
ومن ذلك أن يقال لك : من أين تجمع بين قول الله سبحانه ( يوم تُبْلَى السرائر فما لَهُ مِن قُوَّة ولا ناصر ) مع قول الشاعر : .
( زمانَ عليّ غراب غُدَاف ... فطيرَّه الدهرُ عنيّ فطارا ) .
فالجواب : أن في كل واحد من الآية والبيت دليلا على قوّة شبه الظرف بالفعل . أمَّا الآية فلأنه عطف الظرف في قوله : ( فما له من قوّة ) على قوله : ( يوم تبلى السرائر ) والعطف نظير التثنية وهو مُؤْذن بالتماثل والتشابه . وأما البيت فلأنه عطف الفعل فيه على الظرف الذي هو قوله : ( عليّ غراب غداف ) . وهذا واضح . وبهذا يقوى عندي قول مَبْرَمان : إن الفاء في نحو قولك : خرجت فإذا زيد عاطفة وليست زائدة كما قال أبو عثمان ولا للجزاء كما قال الزِيَاديّ