وقد أحضر جماعة من أصحابه فسألوني فلم أَرَ فيهم طائلا . فلمّا انقَضى سؤالهم قلت لأكبرهم : كيف تبني من سفرجل مثل عنكبوت فقال : سَفْرَرُوت . فلما سمعت ذلك قمت في المسجد قائما وصفَّقت بين الجماعة : سفرروت ! سفرروت ! فالتفت إليهم أبو بكر فقال : لا أحسن الله جزاءكم ! ولا أكثر في الناس مثلكم ! وافترقنا فكان آخر العهد به .
قال أبو حاتم : قرأ الأخفش - يعني أبا الحسن - : " وقولوا للناس حُسْنَى " فقلت : هذا لا يجوز لأن ( حُسْنَى ) مثل فُعْلَى وهذا لا يجوز إلا بالألف واللام . قال : فسكت . قال أبو الفتح : هذا عندي غير لازم لأبي الحسن لأن ( حسنى ) هنا غير صفة وإنما هو مصدر بمنزلة الحُسْن كقراءة غيره : ( وقولوا للناس حُسْناً ) ومثله في الفِعْل والفِعُلَى : الذِكْر والذِكْرَى وكلاهما مصدر . ومن الأوّل البؤس والبؤسى والنُعْم والنعمى . ولذلك نظائر .
وروينا - فيما أظنّ - عن محمد بن سَلاَّم الجمحيّ قال : قال لي يونس ابن حبيب : كان عيسى بن عُمَر يتحدّث في مجلس فيه أبو عمرو بن العلاء . فقال عيسى في حديثه : ضربه فَحُشَّت يدهُ . فقال أبو عمرو : ما تقول يا أبا عمر ! فقال عيسى : فَحُشَّت يدُه . فقال أبو عمرو : فَحَشَّت يده . قال يونس : التي ردّه عنها جيّدة . يقال : حُشّت يده - بالضمّ - وحَشَّت يدُه - بالفتح - وأحَشَّتْ . وقال يونس : وكانا إذا اجتمعا في مجلس لم يتكلّم أبو عمرو مع عيسى لحسن إنشاده وفصاحته