ومن ذلك حكاية أبي عُمَر مع الأصمعيّ وقد سمعه يقول : أنا أعلم الناس بالنحو فقال له الأصمعيّ : ( يا أبا عمر ) كيف تنشد ( قول الشاعر ) : .
( قد كنْ يَخْبَأن الوجوه تسترا ... فالآن حين بدأن للنُظَّار ) .
بدأن أو بدين فقال أبو عمر : بَدَأْنَ . فقال الأصمعيّ : يا أبا عمر أنت أعلم الناس بالنحو ! - يمازحه - إنما هو بَدَوْن أي ظهرن . فيقال : إن أبا عمر تغفّل الأصمعيّ فجاءه يوما وهو في مجلسه فقال له أبو عمر : كيف تحقّر مختارا فقال الأصمعيّ : مخيتير . فقال له أبو عمر : أخطأت إنما هو مخيِّر أو مخيِّير تحذف التاء لأنها زائدة .
حدّثني أبو عليّ قال : اجتمعت مع أبي بكر بن الخيّاط عند أبي العبّاس المعمريّ بنهر مَعْقِل في حديث حدّثنيه طويل . فسألته عن العامل في ( إذا ) من قوله - سبحانه - : ( هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) قال : فسلك فيها مسلك الكوفيين . فكلّمته إلى أن أمسك . وسألته عن غيرها وعن غيرها وافترقنا . فلمّا كان الغد اجتمعْتُ معه عند أبي العباس