أحدهما أنهما لما كان فيهما إفراد لفظي وتثنية معنوية وكانا تارة يضافان إلى المظهر وتارة يضافان إلى المضمر جعلوا لهما حظا من حالة الإفراد وحظا من حالة التثنية فجعلوهما مع الإضافة إلى المظهر بمنزلة المفرد على صورة واحدة في حالة الرفع والنصب والجر وجعلوهما مع الإضافة إلى المضمر بمنزلة التثنية في قلب الألف من كل واحد منهما ياء في حالة النصب والجر اعتبارا بكلا الشبهين وإنما جعلوهما مع الإضافة إلى المظهر بمنزلة المفرد لأن المظهر هو الأصل والمفرد هو الأصل فكان الأصل أولى بالأصل وجعلوهما مع الإضافة إلى المضمر بمنزلة التثنية لأن المضمر فرع والتثنية فرع فكان الفرع أولى بالفرع وهذا الوجه ذكره بعض المتأخرين .
والوجه الثاني وهو أوجه الوجهين وبه علل أكثر المتقدمين وهو أنه إنما لم تقلب الألف فيهما مع المظهر وقلبت مع المضمر لأنهما لزمتا الإضافة وجر الاسم بعدهما فأشبهتا لدى وإلى وعلى وكما أن لدي وإلى وعلى لا تقلب ألفها ياء مع المظهر نحو لدي زيد وإلى عمرو وعلى بكر وتقلب مع المضمر نحو لديك وإليك وعليك فكذلك كلا وكلتالا تقلب ألفهما ياء مع المظهر وتقلب مع المضمر .
والذي يدل على صحة ذلك أن القلب في كلا وكلتا إنما يختص بحالة النصب والجر دون حالة الرفع لأن لديك إنما تستعمل في حالة النصب والجر ولا تستعمل في حالة الرفع فلهذا المعنى كان القلب مختصا بحالة النصب والجر دون حالة الرفع وقد أفردنا في الكلام على كلا وكلتا جزءا استقصينا فيه القول عليهما والله أعلم