آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) وقال تعالى في موضع آخر ( يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ) وقال تعالى في موضع آخر ( ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار ) إلى غير ذلك من المواضع فإذا كثر مجىء الخبر والاستفهام كثرة الأمر والنهى فقد تكافآ في الكثرة فلا مزية لأحدهما عن الآخر .
وأما قولهم إنه لا يحسن اقتران الزمان بهما فلا يقال نعم الرجل أمس ولا بئس الغلام غدا ولا يجوز تصرفهما فنقول إنما امتنعا من اقترانهما بالزمان الماضي وما جاء التصرف لأن نعم موضوع لغاية المدح وبئس موضوع لغاية الذم فجعل دلالتهما مقصورة على الآن لأنك إنما تمدح وتذم بما هو موجود في الممدوح أو المذموم لا بما كان فزال ولا بما سيكون ولم يقع .
وأما قولهم إنه قد جاء عن العرب نعيم الرجل فهذا مما ينفرد بروايته أبو علي قطرب وهي رواية شاذة ولئن صحت فليس فيها حجة لأن نعم أصله نعم على وزن فعل بكسر العين فأشبع الكسرة فنشأت الياء كما قال الشاعر .
( تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ... نفى الدراهيم تنقاد الصياريف ) .
أراد الدراهم والصيارف والذي يدل على أن أصل نعم نعم أنه يجوز فيها أربع لغات نعم بفتح النون وكسر العين على الأصل ونعم بفتح النون وسكون العين ونعم بكسر النون والعين ونعم بكسر النون وسكون العين .
فمن قال نعم بفتح النون وكسر العين أتى بها على الأصل كقراءة ابن عامر وحمزة والكسائي والأعمش وخلف فنعما بفتح النون وكسر العين وكما قال طرفة