.
وهذا مما يستدل به على أن الراسخين فى العلم يعلمون التأويل فإن الناس متفقون على أنهم يعرفون تأويل المحكم و معلوم أنهم لا يعرفون كيفية ما أخبر الله به عن نفسه فى الآيات المحكمات فدل ذلك على أن عدم العلم بالكيفية لا ينفى العلم بالتأويل الذي هو تفسير الكلام و بيان معناه بل يعلمون تأويل المحكم و المتشابه ولا يعرفون كيفية الرب لا فى هذا و لا في هذا .
.
فإن قيل هذا يقدح فيما ذكرتم من الفرق بين التأويل الذي يراد به التفسير و بين التأويل الذي فى كتاب الله تعالى قيل لا يقدح فى ذلك فإن معرفة تفسير اللفظ و معناه و تصور ذلك فى القلب غير معرفة الحقيقة الموجودة فى الخارج المرادة بذلك الكلام فإن الشيء له و جود فى الأعيان و وجود في الأذهان و وجود في اللسان و وجود فى البنان فالكلام لفظ له معنى فى القلب و يكتب ذلك اللفظ بالخط فإذا عرف الكلام و تصور معناه فى القلب و عبر عنه باللسان فهذا غير الحقيقة الموجودة فى الخارج و ليس كل من عرف الأول عرف عين الثانى .
مثال ذلك أن أهل الكتاب يعلمون ما في كتبهم من صفة محمد صلى الله عليه و سلم و خبره و نعته و هذا معرفة الكلام و معناه و تفسيره و تأويل ذلك هو نفس محمد المبعوث فالمعرفة بعينه معرفة تأويل