الفلك التاسع و الكرسي هو الثامن و قد تكلمنا على ذلك فى ( مسألة الاحاطة ( و بينا جهل من قال هذا عقلا و شرعا و اذا سمعهم يذكرون الملائكة ظن أنهم العقول و النفوس التى يثبتها المتفلسفة و القوي التى في الأجسام و كذلك الجن و الشياطين يظن أنها أعراض قائمة بالنفوس حيث كان هذا مبلغه من العلم و كذلك يظن ما ذكره ابن سينا و أمثاله من أن الغرائب فى هذا العالم سببها قوة فلكية أو طبيعية أو نفسانية و يجعل معجزات الأنبياء من باب القوى النفسانية و هي من جنس السحر لكن الساحر قصده الشر و النبى قصده الخير و هذا كله من الجهل بالأمور الكلية المحيطة بالموجودات و أنواعها و من الجهل بما جاء به الرسول فلا يعرفون من العلوم الكلية و لا العلوم الإلهية الا ما يعرفه الفلاسفة المتقدمون و زيادات تلقوها عن بعض أهل الكلام أو عن أهل الملة .
.
فلهذا صار كلام المتأخرين كإبن سينا و أمثاله فى الإلهيات و الكليات أجود من كلام سلفه و لهذا قربت فلسفة اليونان الى أهل الإلحاد المبتدعة من أهل الملل لما فيها من شوب الملة و لهذا دخل فيها بنو عبيد الملاحدة فأخذوا عن هؤلاء الفلاسفة الصابئة المشركين العقل و النفس و عن المجوس النور و الظلمة و سموه هم السابق و التالي و كذلك الملاحدة المنتسبون الى التصوف و التأله كابن سبعين و أمثاله سلكوا