.
وأما السلف و أئمة الفقهاء و جمهور المسلمين فيثبتون الخلق و الأمر و الإرادة الخلقية القدرية الشاملة لكل حادث و الإرادة الأمرية الشرعية المتناولة لكل ما يحبه الله و يرضاه لعباده و هو ما أمرت به الرسل و هو ما ينفع العباد و يصلحهم و يكون له العاقبة الحميدة النافعة فى المعاد الدافعة للفساد فهذه الإرادة الأمرية الشرعية متعلقة بالهيته المتضمنة لربوبيته كما أن تلك الإرادة الخلقية القدرية متعلقة بربوبيته و لهذا كان من نظر غلى هذه فقط و راعى هذه الخلقية الكونية القدرية دون تلك يكون له بداية بلا نهاية فيكون من الأخسرين أعمالا يحصل لهم بعض مطالبهم في لدنيا لإستعانتهم بالله إذ شهدوا ربوبيته و لا خلاق لهم في الآخرة إذ لم يعبدوا الله مخلصين له الدين و قد و قع فى هذا طوائف من أهل التصوف و الكلام .
.
و من نظر إلى الحقيقة الشرعية الأمرية دون ذلك فإنه قد يكون له عاقبة حميدة و قد يراعى الأمر لكنه يكون عاجز مخذولا حيث لم يشهد ربوبية الله و فقره إليه ليكون متوكلا عليه بريا من الحول و القوة إلا به فهذا قد يقصد أن يعبده و لا يقصد حقيقة الإستعانة به و هي حال القدرية من المعتزلة و نحوهم الذين يقرون أن الله ليس خالقا أفعال العباد و لا مريدا للكائنات و لهذا قال أبو سليمان الداراني إنما يعجب بفعله القدري لأنه لا يرى أنه هو الخالق لفعله فأما أهل السنة الذين